كانت مازالت في فراشــها تــقاوم النــوم الذي يسكن اجـزاءها لتقوم إلى عمــلها
حين تسللت إلــيها رائــحة لا تقدر على مقــاومتها
ليست بالعطـر الفـاخر ولا بزهــور التــيوليب التي تعشقها أيضــا
ولكنــها كانت حــبات القهوة ذات اللون البني الداكن التي امتزجت ببعض المــاء وأخدت بعض الحــرارة
لتــعطي أجــمل كــوب قهــوة تعشــق رائــحته وتستلذ بطعمــه ..
قــهوة والــدتها الحبيبة ، أغمــضت عيــنيها ووضعت وســادة على وجــهها محاولة الهــرب من الرائـحة
إلى أن أنتــفضت من فــراشها وأخذت تهــرول كطفلة حتى وصلت إلى والدتــها في الشرفة وقبلتــها قبلة حانية على يديها ووجها
وأختطفت من يديها فنجـان القهوة وأخـذت تتنفس دخانه وأرتشــفت آخـر قطــرة منه
فقد قـامت في الوقــت المناسب
ووالدتها تضحك عليها وحينما انتهت تبسمت لها وذهبت لكي تحضر نفسها للعمل
ارتدت ملابسها وودعت والدتها وهي تدعي لها وتعطيها المصائح اليومية وعلى رأسها أن تنتبه على حالها
قبلتها وخرجت متمتة دعاء الخروج من المنزل .
كان مازال هناك وقت قبل موعد عملها ، فهي دائماً تخرج باكراً ..
لتمنح وقتاً لقــهوة الصباح ..
كانت هذه إحدى طقوسها المفضلة ,,
أقتمحت باب المطعم الذي أعتادت على أن تتواجد فيه كل صباح برقة حيث تأخذ قهوتها التركية
وتجلس إلى جانب الزجـاج المطل على البحر وتعطي ظهرها للعالم خلفها
وكأنها وحدها في هذا المكان ..
ابتسمت للموجودين وألقت السلام عليهم ..
وحينما رأوهــا أحضروا لها قهوتها
سألها النادل عن حالها وأخذا يتحاورا لدقيقة ومن ثمّ ذهب وتركها لتستمتع بشغفها ..
وكالمعتاد انطلقت في عالمها ممسكة في يديها كوب القهوة ذو الرائحة النفاذة ،
حين قاطع أحدهم خلوتها سائلا إياها أن يجلس على نفس الطاولة لأن المطعم مزدحم هذا الصباح ولا يوجد كرسي واحد شاغر
فسمحت له وقالت له بابتسامة خفيفة " لا مشكلة .. لقد أوشكت على الانتهاء أيضاً "
فجلس في الكرسي امامها وشكر لها صنيعها وطلب فطوره المعتاد من النادل ..
حين عادت هي لتنظر إلى البحر وحينما لمحها هكذا تمتم في هدوء " البحر ثائر اليوم
ليتني أعرف ما يجعله هادئاً وما يجعله غاضباً "
أكتشفت أنه يحاول فتح حديث ،كشيء من مجاراة الوقت لا أكثر ،
لم ترده خائباً كما تحب ولكن كل ما قالته " نعم .. وأنا أيضاً "
مازالت هناك الرشفة الأخيرة من قهوتها والتي تتلذ بها دون عن أي رشفة ،
حين جاء النادل ووضع فطوره فاختل توازن الطاولة وقع كوبها وهي تنظر إليه بكل ضيق ،
والجميع من حولها يردد " خير .. سقوط القهوة خير "
أجابتهم لا مشكلة مع ان داخلها يتحسر على رشفتها الأخيرة التي ضاعت
فهكذا حال من أدمن على شيء فهو يريده دون أي نقصان ..
دفعت حسابها وأنطلقت إلى عملها وهي ماتزال في مزاج عكر وحتى حينما انتهت وذهبت إلى منزلها ..
ودخلت وهي تردد " سقوط القهوة خير " بكل استياء
رأتها والدتها فقصت عليها ماحدث حتى أخذت تضحك على ابنتها التي لا تزال تلك الطفة بداخلها ..
وقالت لها وهي تبكي من الضحك " متى ستكبرين ، لو كانت هناك أي فتاة مكانك لاهتمت بمن حاول محاوارتها
لا بفنجان قهوة ، ولكن هكذا أنتِ كل ما تريديه هو قهوتك والرشفة الأخيرة "
نظرت إليها وأخذت هي الأخرى بالضحك وقبلتها وقالت لها بصوت هادىء " لا يوجد أجمل من وجهك وهو يضحك يا أمي،
ولا يوجد ألذ طعماً من قهوتي "
وأخذت تدور كطفلة حتى ذهبت إلى غرفتها وارتمت في أحضان سريرها ووسادتها وذهبت في عالم آخر من الأحلام ..
ولعلها تستمتع بفنجان قهوة كامل حتى رشفته الأخيرة ..
تمت
4:28pm
4-11-2010
زهلرة نيسآن ..
قد تكون دون المستوى ،
لكني فقط أردت كسر الحالة ..